قصة طالوت بن عبدالجبار مع الملك الحكم بن هشام

كان طالوت بن عبدالجبار المعافري أحد تلامذة الإمام مالك، وقد عاش في الأندلس خلال فترة حكم الدولية الأموية هناك والتي أسسها عبدالرحمن الداخل، وكان هشام بن الرحمن الداخل قد تولى الحكم بعد والده، ومن بعد هشام تولى الحكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل الأموي حكم الدولة التي أسسها جده وحكمها أبيه، وكان ذلك في عام 180 للهجرة.

لكن الحكم كان يختلف عن أبيه وجده، فقد ذكر المؤرخون أنه كان يميل لأهل الفسق والفجور ، وحتى أنه وصف بأنه كان من جبابرة الملوك وفساقهم .

وكان الحكم فارس شجاع وكان ذا دهاء وحزم وفي نفس الوقت كان ظالمًا، وقد حكم الحكم الأندلس مدة سبعة وعشرين سنة، وفي أول حكمه كان ملكًا صالحًا وكان يسير على طريقة والده وجده في الحكم لكنه قد تغير بعد ذلك وجهر بالمعاصي.

وقد نصحه الفقهاء كثيرًا، لكنهم لما يأسوا من إصلاحه، قرروا الخروج عليه لخلعه، فقام بقتل بعضهم وعذب الآخر، وقد هرب بعضهم، وكان من بين من كتب لهم النجاة طالوت بن عبدالملك، حيث أنه اختبأ عند أحد جيرانه وكان يهوديًا وقد ظل في منزله عامًا كامل.

لكنه شعر أن إقامته طالت عند جاره، فقرر أن يلجأ لصديق ليساعده ويتوسط بينه وبين الحكم بن هشام ليعفو عنه، فأرسل للوزير أبي البسام وقد اختره لأنه كان من تلامذته وكان له مكانة عند الحكم بن هشام، وفكر أنه لو توسط لدى الحكم فقد يؤمنه ويتركه.

وبالفعل ذهب للوزير بن البسام وطلب منه أن يشفع له عند الأمير، فوافق الوزير وترك المعافري في حراسة أحد رجاله، وذهب للأمير لكنه عندما دخل الملك قال له لقد أحضرت لك يا سيدي كبش ثمين، فقال له الملك ماذا تقصد يا وزير، قال الوزير بن البسام، لقد أحضرت لك رأس المنافقين طالوت بن عبدالملك.

فلما علم الأمير أن طالوت بن عبدالملك المعافري لدى الوزير طلب منه أن يعجل بإحضاره، فأرسل الوزير وأحضر المعافري الذي كان يظن أن الوزير قد تشفع له عند الملك كما طلب منه.

وعندما دخل طالوت على الملك قال له الملك ويلك سوف أقتلك شر قتلة كما استبحت حرمتي، وقال له ألم أعاملك من قبل بالبر والإكرام، قال طالوت نعم يا سيدي، وقد ذكره أنه قد سار في جنازة زوجته.

فقال له طالوت، سيدي الأمير والله أني ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدت أنك قد انحرفت عن الحق، وما فعلت معك إلا ما أمرني الله تعالى به، أما في غير ذلك فأنا لا أنكر أنك صاحب فضل علي وعلى غيري.

فهدأ الملك عندما ذكره طالوت بالله، وقال لطالوت والله إني ما أحضرتك إلا وقد أعددت لك كل عذاب الدنيا، لكني أخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك، ولست بتارك برك وليت الذي كان لم يكن، اذهب إنني قد عفوت عنك.

ثم سأل الأمير طالوت بن عبد الجبار عن الطريقة التي وصل إليه بها الوزير بن بسام، فأخبره طالوت أنه هو بنفسه ذهب للوزير وطلب وساطته لأنه هو من علمه وهو يثق به، ثم سأله عن المكان الذي أقام فيه قبل أن يأتي للوزير.

فأخبره طالوت أنه كان في دار يهودي وقد حفظه لله، فقال الملك للوزير بن بسام يالك من رجل سوء أيها الوزير، أيكرمه يهودي ويستر عليه مني لمكانة العلم والدين، وتغدر به أنت يا صاحب الدين حين لجأ إليك، ألا أديت له حق تعليمه لك، وهو من خيار أهل ملتك، أخرج عني لا أراني الله وجهك هذا، وقد أحسن الأمير الحكم إلى اليهودي وأرسل له كتاب بالجزية طوال فترة ملكه، ولما قرأ اليهودي كتاب الملك أسلم.

وقد مرت السنوات ورأى الناس الوزير بن بسام وهو في فاقة وفقر شديد، فلما سألوه كيف وصل لتلك الحالة، أخبرهم أن الله قد استجاب دعاء الفقيه طالوت بن عبدالجبار فيه، أما المعافري فقد عاش مبرورًا من الأمير حتى مات وقد حضر الأمير جنازته عندما مات وأثنى على صدقه وإخلاصه وعلمه.

قصة المفتي علاء الدين الجمالي مع السلطان سليم الأول

كان السلطان سليم الأول بن بايزيد من أقوى سلاطين الدولة العثمانية، وكان قد هزم الدولة الصفوية هزيمة منكرة في عقر دارها وتوسعت الدولة في عهده توسعًا كبيرً، وقد كان مشهور بالشدة وأنه يعاقب رجال الدولة المقصرين بقسوة، وذات مرة زار السلطان سليم الأول حفاظ الخزينة فوجد عندهم تقصيرًا، فأمر بقتلهم جميعًا، وكان عددهم أكثر من مائة وخمسين رجلًا.

فسمع مفتي الدولة علاء الدين الجمالي الرومي بما ينوي السلطان فعله، وكان شيخًا فاضلًا متعبدًا، وكان جريئًا في الحق آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر.

فذهب الشيخ علاء للسلطان وسلم عليه، ولم يكن من عادة المفتي أن يذهب لقصر السلطان إلا للأحداث الكبرى، لذلك لما وصل للقصر تعجب السلطان من حضوره وأدرك أن ما أتى بالمفتي أمرًا جلل ، فلما سأله عن سبب زيارته للقصر، قال الشيخ علاء للسلطان لقد جئت لأمر يخص أخرتك أيها السلطان، فتعجب السلطان من كلام المفتي.

فقال له الشيخ علاء لقد سمعت أنك أمرت بقتل 150 رجل دون أن يستحقوا القتل فعليك أن تعفو عنهم، فغضب السلطان وقال للمفتي إنك تتعرض لأمور الدولة وهذا ليس من مهامك، لكن المفتي قال له بل هي من أهم مهامي، فهؤلاء إما أن يستحقوا للقتل أو غير مستحقين، وهم غير مستحقين، فإن عفوت عنهم فلك النجاة وإلا فعليك عقاب عظيم.

ففكر السلطان في كلام المفتي فوجده محقًا، فقال له إنك محق لقد عفوت عنهم لكني سوف أعاقبهم على تقصيرهم بطريقة أخرى، فقال له المفتي هذا جائز لك لأن عقابهم مفوض لرأي السلطان، وقد ازدادت مكانة المفتي عند السلطان بعد ذلك حتى أنه قد قلده مناصب أخرى في الدولة بعد ذلك وأصبح من المقربين منه.

By Lars